أكد أمين عام المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر (آركو) الدكتور/ صالح بن حمد التويجري؛ أهمية تعاضد الهيئات والجمعيات الوطنية العربية مع المركز العربي للاستعداد للكوارث في الأمانة العامة للمنظمة العربية لنشر علم إدارة الكوارث وتدريب العاملين والمتطوعين على كيفية التصدي للكوارث وإدارتها والتقليل من تداعياتها وآثارها؛ ودعم صناعة خطط الاستجابة الإنسانية لها.
وقال “د. التويجري” في بث مباشر نظمته الأمانة العامة للمنظمة العربية ممثلة في المركز العربي للاستعداد للكوارث من غرفة عمليات الصليب الأحمر اللبناني للاطلاع على واقع استجابته لحادثة انفجار مرفأ بيروت : أرحب بكم جميعاً وأشكر الزملاء في المركز العربي للاستعداد للكوارث على تنظيم هذا اللقاء؛ كما أشكر الزملاء في الصليب الأحمر اللبناني الذين كانوا واجهة ممتازة وقاموا بأعمال جبارة في وقت قياسي وبإمكانيات ربما أقل من حجم الكارثة الكبيرة التي وقعت في مرفأ بيروت؛ وأشيد بالاستجابة الكبيرة من أشقائنا وزملائنا أعضاء المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر؛ والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر؛ والمؤسسات الإغاثية الأخرى والحكومات ومنظمات الأمم المتحدة.
وأضاف في الوقت الذي كنا نعمل فيه على تأسيس المركز العربي للاستعداد للكوارث لاعتقادي المتواضع أنه مشروع طال انتظاره؛ وقعت كارثتان كبيرتان في منطقتنا العربية الأولى في بيروت والثانية في السودان؛ وتسببتا في وفاة أعداد ليست قليلة من الأشخاص؛ ودمار العديد من المنازل وخسائر اقتصادية كبيرة؛ وقد سبقتهما كارثة انتشار فايروس كورونا (كوفيد ــ 19) الذي يجتاح العالم؛ ولا شك أن دراستنا للتجربتين اللبنانية والسودانية في التعامل مع الكارثتين؛ تأكد لنا الأهمية القصوى لوجود مركز عربي للاستعداد للكوارث لأنه أُنشئ ليخدم جميع بلدان الوطن العربي؛ وكل من يطّلع على مهام وإجراءات عمل المركز يعي أهميته في التنبؤ بالكوارث خاصة الطبيعية منها قبل حدوثها بالدقة المعقولة؛ كما أنه يساعد الهيئات والجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر العربية والدول والحكومات على تأسيس لجان وطنية للاستجابة للكوارث؛ وهذه اللجان حسب علم إدارة الكوارث ــ وهو علم واسع جداً ــ تعني أنه يجب أن تكون هناك خطط للاستعداد وتشمل العديد من الآليات منها الوقائي والعلاجي للاستعداد للكوارث؛ ونشير هنا إلى أن إدارة الكارثة علم واسع ولا بد من نشر ثقافة هذا العلم والوعي به في جمعياتنا الوطنية وفي دولنا العربية لأننا معرضون للكوارث سواء الطبيعية أو تلك التي من صنع الإنسان؛ وغني عن القول أن منطقتنا العربية للأسف توجد بها أكثر الكوارث خاصة الصراعات المسلحة والكوارث الطبيعية وما تخلفه من أزمات نزوح ولجوء؛ إذن لتعزيز إدارة الكارثة والاستعداد لها لا بد من أن تكون هناك إجراءات محددة ولجان وطنية للاستعداد للكوارث والتأهب لها في كل بلد من البلدان العربية؛ ويجب أن يكون هناك وعي بمسؤولية إدارة الكارثة ورصد نشوئها والتعامل معها بعد ذلك بالإمكانات المتوفرة أو قد تدعو الضرورة إلى طلب المساعدات الخارجية واستقبال المانحين والجهات المقدمة للمساعدات للبلد المنكوب وإعادة الإعمار والتأهيل للمناطق المنكوبة وللأشخاص المنكوبين؛ ومثل ما سمعنا من الصليب الأحمر اللبناني أن هناك اجراءات عاجلة وضرورية يجب أن تُنفذ؛ وهناك اجراءات أقل إلحاحا بعد الفترة الحرجة التي تلي وقوع الكارثة؛ وأخرى لإعادة المشردين والمنكوبين إلى منازلهم؛ وندائي في هذا المحفل هو أن ندرس ما تم اتخاذه من الاجراءات الإيجابية والسلبية؛ وأفضل أن تأتي متأخراً من ألا تأتي على الإطلاق؛ لقد حان الوقت لمعاضدة فكرة إنشاء المركز العربي للاستعداد للكوارث وربطه بجميع الجمعيات الوطنية في الدول العربية ؛ دعونا نضع أيدينا في أيدي بعض لنشر علوم إدارة الكوارث وتدريب العاملين والمتطوعين في جميع الدول العربية على كيفية الاستعداد للكوارث وإدارتها وإعادة التأهيل بعدها ؛ كل هذه العلوم للأسف تفتقر لها العديد من بلداننا العربية؛ وكما ذكرت أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي ؛ ونحن في حاجة إلى الجمعيات الوطنية أعضاء المنظمة التي أٌنشئت لخدمتها ؛ وهي تعمل ما تستطيع ولكن يبقى الأمل في معاضدتكم ومساندتكم أنتم في الجمعيات الوطنية لمثل هذه البرامج حتى إن شاء الله يعم الوعي والمعرفة ؛ نحن لا نستطيع منع وقوع الكارثة ولكن نستطيع التقليل من آثارها السلبية بمشيئة الله؛ شكراً لكم وللصليب الأحمر اللبناني بشكل خاص على استضافته لوفد الأمانة العامة للمنظمة العربية وللزملاء عبدالله الحمد ومهند باريان ومحمد الهوساوي وهم خير من يمثلون المنظمة في هذا المحفل وخير من يقيّم العمل على أرض الواقع وينقل تحياتنا واعجابنا للصليب الأحمر اللبناني على استجابته السريعة للكارثة.
من جهته قال الأستاذ عبدالله الحمد المشرف على المركز العربي للاستعداد للكوارث: باسم الأمانة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر نرحب بكم في غرفة عمليات الصليب الأحمر اللبناني في هذا اليوم الذي سعدنا فيه برفقة زملائنا في الصليب الأحمر اللبناني الذين استقبلونا بكل حفاوة وهذا ليس بمستغرب عليهم؛ وقد اصطحبونا في جولة في مخيمات اللاجئين السوريين ؛ واطلعنا على جهود الصليب الأحمر اللبناني في الاستجابة المتميزة لكوفيد ــ 19؛ ولمسنا من متطوعيه الروح المعنوية العالية والاحترافية المتقدمة في التعامل مع انفجار مرفأ بيروت؛ وذكر لنا الأستاذ جورج كتاني أمين عام الصليب الأحمر اللبناني في لقائه بنا أنه خلال 8 أشهر تم تقديم أكثر من 8 آلاف خدمة عن طريق الجمعية وهذا يعتبر انجازاً كبيراً للمتطوعين الذين كانت لهم استجابتهم السريعة للكارثة وكورونا.
وقال الأستاذ عبدالله زغيب مدير العمليات في الصليب الأحمر اللبناني: منذ وقوع انفجار المرفأ الساعة السادسة يوم 4 أغسطس 2020 استجابت فرق ووحدات الصليب الأحمر اللبناني وهرعت مباشرة إلى الموقع بمشاركة 5 قطاعات هي فرق الاسعاف والطوارئ؛ وحدة إدارة الكوارث ؛ بنوك الدم؛ الخدمات الطبية الاجتماعية؛ والشباب؛ وانتشرت فرق الاسعاف والطوارئ في المناطق الأكثر تضرراً على مساحة 3 كيلومتر ولم نكن نتوقع وقوع انفجار بهذا الحجم ؛ وبعد الاستشارة مع الأمين العام والعمليات تقرر تفعيل الخطة الوطنية بمشاركة كل مراكز الصليب الأحمر اللبناني ؛ وكانت خطة سيناريو حرب كون الانفجار كان كبيراً؛ وتضمنت تفعيل 42 مركز اسعاف و4 غرف عمليات في شمال جنوب البقاع لدعم غرفة العمليات المركزية في بيروت وفي أول نصف ساعة عرفنا موقع الانفجار؛ وأرسلنا 125 سيارة اسعاف توجهت حسب الخطة الموضوعة من 10 إلى 20 إلى ثم إلى 75 سيارة ؛ وفي آخر الليل وصل العدد إلى 125 سيارة اسعاف جاهزة للتدخل وهذا يعتبر تحدياً كبيراً لتحريكها في مساحة لا تتعدى الـ 5 كيلومتر؛ وكان تحدياً عملياً خرجنا منه بكثير من الدروس والعبر تنفعنا في المستقبل في أن نكون قادرين على السيطرة؛ كما وجهنا حوالي 2000 مسعف في ليلة الانفجار؛ وكنا ننقل كل الإصابات الموجودة على الأرض؛ ونقل الإسعاف 3741 جريحاً خلال أول 4 أيام؛ وخلال 4 ساعات نقلت فرق الاسعاف والطوارئ 629 جريحاً ؛ وهذا أيضاً كان يعد تحدياً لنا في اسعاف هذا العدد من الجرحى ونقلهم إلى المستشفيات التي كانت مليئة ؛ و4 مستشفيات في قلب بيروت تعرضت للتدمير وبعضها تدمير كلي منها مستشفيات الروم والوردية والكرنتينة؛ واضطرينا في نفس الليلة لإجلاء كل المصابين من مستشفى الروم إلى مستشفيات أخرى؛ وكان عمل الإسعاف والطوارئ قد تم خلال 3 مراحل الأولى الاسعاف الأولي للجرحى على الارض؛ والثانية نقلهم إلى المستشفيات ؛ والثالثة من مستشفيات ممتلئة إلى مستشفيات أخرى بعيدة في البقاع والجنوب والشمال خلال ليلة واحدة؛ وكانت لدينا فرق سيارات اسعاف في 3 مواقع في المرفأ للمساعدة في عمليات البحث والانقاذ واسعاف الجرحى من عمال الإغاثة؛ وكانت لدينا 2 مستشفى ميداني في قلب بيروت وشمالها لتغطية مساحة الانفجار وتقديم الاسعاف لذوي الجروح الخفيفة؛ وكنا ننقل الجثث وأشلاء الضحايا من المرفأ؛ فيما شاركت 4 غرف عمليات في إدارة الأزمة في بيروت وجبل لبنان.
من جانبه قال مروان الأعور مدير وحدة الكوارث في الصليب الأحمر اللبناني : المرحلة الأولى كانت بالنسبة لنا مهمة لإنقاذ الأرواح؛ والمرحلة الثانية تكونت من 5 مراحل هي الإنذار والتفعيل وركزت كل مراكز الصليب الأحمر على تفعيل الاستجابة؛ وبدأنا في توزيع 5 آلاف وجبة جاهزة على المتضررين في أول 72 ساعة ثم توزيع المساعدات النقدية التي قدمها الهلال الأحمر القطري؛ والمرحلة الثانية كانت لإجراء المسح وتقييم احتياجات 30 ألف أسرة ووصلنا إلى 28760 أسرة؛ أما المرحلة الثالثة فكانت لتوزيع السلال الغذائية ومواد النظافة الشخصية وصيانة المأوى المؤقت لـ 570 أسرة بالشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ والهلال الأحمر القطري؛ والهلال الأحمر الإيراني؛ والهلال الأحمر الكويتي والهلال الأحمر التركي؛ والتزمنا خلال المرحلة الثالثة بتقديم المساعدات النقدية لـ 10 آلاف أسرة تم اختيارها حسب المعايير حيث يتم تسليم كل أسرة بطاقة مصرفية بـ 300 دولار شهرياً؛ وهناك مساعدات ترميم المنازل بقيمة ألفي دولار للأسرة لإجراء الصيانة الأولية للمنزل المتضرر قبل حلول فصل الشتاء ؛ والمرحلة الرابعة هي مساعدة المتضررين للتعافي والرجوع إلى أعمالهم؛ وبعد 6 أشهر نساعد المتضررين في إعادتهم إلى حياتهم الطبيعية.
وأضاف في قطاع الخدمات الطبية الاجتماعية 4 مراكز و5 عيادات متنقلة و25 موظفاً ؛ وكان التدخل من خلال عيادتين متنقلتين و4 مراكز؛ واستجاب هذا القطاع حتى الآن لـ 4534 خدمة بين استشارة طبية وتوزيع أدوية وتقييم ومساعدة للدعم النفسي ؛ وخطة هذا القطاع الوصول إلى 18 ألف مستفيد من الخدمات الطبية الاجتماعية والعمل على زيادة عدد ساعات العمل في العيادات المتنقلة والمراكز؛ أما بنوك الدم فقد تم استنفارها مع 43 موظفاً و7 إداريين ؛ وتم سحب 5600 وحدة دم وتوزيع 6527 وحدة دم ؛ مع تسجيل 5 آلاف متبرع بالدم وهم جاهزين لتحويلهم إلى أي مستشفى محتاج للدعم؛ وفي قطاع الشباب لدينا 600 متطوع يقدمون الدعم لقطاع إدارة الكوارث لحاجته لهم؛ وشاركوا في توزيع 4800 أدوات حماية من كورونا.
وأختتم قائلاً: نتمنى الاستفادة من كل هذه الكوارث في تحديد نقاط الضعف حتى نكون أقوى في التصدي لأي حدث في منطقتنا العربية المعرضة للحوادث والكوارث.
وقال أ. الحمد: أصدر المركز العربي للاستعداد للكوارث 4 تقارير عن انفجار مرفأ بيروت تم فيها رصد عمليات الاستجابة وتوثيق مساعدات الجمعيات الوطنية والشركاء للبنان؛ مؤكداً أن ما قام به الصليب الأحمر اللبناني هو انعكاس لما يتمتع به من خبرة عملية واحترافية في ادارة الكوارث؛ يمكن الاستفادة منها في مواجهة أي كارثة في الوطن العربي
وقدم الأستاذ حسن الأديب مساعد المشرف على المركز العربي للاستعداد للكوارث؛ شرحا عن التقرير الرابع الصادر عن المركز حول كارثة انفجار المرفأ؛ وقال : استجابة الصليب الأحمر اللبناني للحادثة ليست مستغربة لأنه صاحب خبرة في مجال إدارة الكوارث؛ وظهر ذلك جليّاً في استجابته للأحداث التي تعرض لها لبنان سابقاً ؛ ونحن في المركز نسعى إلى نقل خبرته في إدارة الكوارث إلى الجمعيات الوطنية العربية؛ واستفدنا من هذا اللقاء في التعرف على آليات الاستجابة والمعوقات والتحديات التي واجهت الصليب الأحمر اللبناني أثناء إدارة انفجار المرفأ.
من جانبها أشادت رنا الفقيه منسقة في إدارة الكوارث في الهلال الأحمر الفلسطيني بجهود الصليب الأحمر اللبناني واستجابته للكارثة؛ وتساءلت: تضع كل جمعية وطنية خطط طوارئ وسيناريوهات .. هل كان للصليب الأحمر اللبناني سيناريو حول توقع وقوع الانفجار؟
وأجابها مروان الأعور قائلاً : لم نكن جاهزين لهذا الانفجار ولم نكن نتوقع أن يكون بهذا الحجم الكبير ؛ ولكن كانت لدينا خطة وطنية تنفذ على الصعيد الوطني إذا حدثت أي كارثة كبيرة؛ وقد ساعدتنا كثيراً في الاستجابة السريعة للانفجار.