ظاهرة الاعتدال الشمسي .. الليلة المُساوية

ظاهرة الاعتدال الشمسي .. الليلة المُساوية

يحدث الاعتدال الشمسي مرتين في السنة، إذ يتساوى الليل والنهار في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي. يأتي الاسم الإنجليزي لهذه الظاهرة (إكوينوكس) من اللاتينية (إيكووس نوكس) التي تعني (الليلة المُساوية).

وقد حل الاعتدال الشمسي الربيعي عام 2022 في 20 مارس، وسيحل الاعتدال الشمسي الخريفي في 23 سبتمبر.

ما الذي يسبب الاعتدال الشمسي؟

تدور الأرض حول الشمس مع ميلان محورها 23.5 درجة، ما يعني اختلاف كميات الإشعاع الشمسي التي تتعرض لها مناطق مختلفة من كوكبنا باختلاف فترات السنة وحسب موقع كوكبنا في مداره.

تشرق الشمس من الشرق وتغرب في الغرب في جميع أنحاء الأرض، لكن يبدو ظاهريًا أن الشمس تتحرك شمالًا نصف السنة وجنوبًا النصف الآخر، حسب مكان وجودك.

فمع اقتراب شهر يوليو يتعرض النصف الشمالي للأرض لضوء الشمس فترةً أطول والنصف الجنوبي فترةً أقصر والعكس صحيح مع الاقتراب من ديسمبر.

لكن يرتصف ميلان محور الأرض مع مدارها حول الشمس مرتين في السنة – في مارس وسبتمبر – إذ لا تبدو الأرض مائلة بالنسبة للشمس، وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، فتتعامد أشعة الشمس مع خط الاستواء في ذلك الوقت من السنة فينال كلا نصفي الكرة الأرضية العدد نفسه من ساعات الليل والنهار.

حينها يقسم الخط الفاصل بين مناطق الليل والنهار الأرض إلى قسمين مارًا بقطبيها، يسمى هذا الخط خط انتهاء الإضاءة أو الخط الرمادي أو منطقة الشفق.

ووفقًا لموقع إرث سكاي، لا يتساوى الليل والنهار تمامًا في أثناء الاعتدال الشمسي وإنما يقتربان كثيرًا من التساوي، إذ يكون النهار في أثناء الاعتدال الشمسي أطول من الليل ببضع دقائق؛ لأن شروق الشمس يحدث عندما يظهر طرف الشمس على حافة الأفق ويحدث الغروب لحظة اختفاء الطرف الآخر للشمس تحت خط الأفق؛ فترى الأرض النور لبضع دقائق أكثر من الظلمة نظرًا إلى كون الشمس منبعًا ضوئيّا قرصي الشكل لا منبعًا نقطيًّا.

إضافة إلى أن الغلاف الجوي يكسر أشعة الشمس فتتابع سيرها عبر مناطق الليل برهةً من الزمن حتى بعد أفول الشمس تحت خط الأفق.

وفقًا لخدمة الطقس الوطنية الأمريكية: «في أثناء الاعتدال الشمسي وبضعة الأيام التي تسبقه وتليه، يتراوح طول النهار بين 12 ساعة و6.5 دقيقة عند خط الاستواء، إلى 12 ساعة و8 دقائق عند خط عرض 30 درجة، إلى 12 ساعة و16 دقيقة عند خط عرض 60 درجة».

بالمقابل، يشير مصطلح التوازن الشمسي إلى الوقت الذي يتساوى فيه الليل والنهار تمامًا.

ونظرًا إلى طريقة تعريف الشروق والغروب، يحدث التوازن الشمسي قبل عدة أيام من الاعتدال الشمسي الربيعي وبعد عدة أيام من الاعتدال الشمسي الخريفي، وفقًا لمكتب الأرصاد الجوية البريطاني.

 

متى يحدث الاعتدال الشمسي؟

ليس من الضروري أن يحدث الاعتدال الشمسي في اليوم نفسه كل سنة، إذ يحدث في يومي 20 مارس و23 سبتمبر أو قريبًا منهما. وقد صادف الاعتدال الشمسي الربيعي عام 2022 في 20 مارس وسيحدث الاعتدال الخريفي في 23 سبتمبر.

يعود السبب في تغير التواريخ إلى أن السنة ليست 365 يومًا تمامًا، فهناك ربع يوم يتراكم كل سنة مسببًا تغير تاريخ الاعتدال الشمسي، وتتغير وضعية كوكبنا بالنسبة للشمس باستمرار أيضًا، ما يسبب تبدل أوقات الاعتدال الشمسي.

يشير الاعتدال الشّمسي إلى البداية الفلكية لفصل الربيع أو الخريف، حسب كل من نصفي الكرة الأرضية. لكن البداية الجوية لهذين الفصلين هي الأول من مارس والأول من سبتمبر.

يؤذن الاعتدال الشمسي في شهر مارس بقدوم الربيع في النصف الشمالي للكرة الأرضية، ويسمى الاعتدال الربيعي، ويدخل نصف الكرة الأرضية الجنوبي فصل الخريف في الوقت ذاته، والعكس صحيح في سبتمبر، إذ يبدأ الخريف في النصف الشمالي والربيع في النصف الجنوبي.

لا يحدث الاعتدال الشمسي على الأرض فقط بل يحدث في جميع كواكب المجموعة الشمسية عندما يرتصف مدار كل منها مع ميلانه بالنسبة للشمس مؤديًا لحصول نصفي كل كوكب على كمية الضوء نفسها.

 

من اكتشف الاعتدال الشمسي؟

لطالما تتبّع البشر حركات الشمس على مدى آلاف السنين، وكثيرًا ما أُدرجت ظاهرة الاعتدال الشّمسي ضمن تقاليد دينية وثقافية، ولم تكن التغيرات الشمسية مؤشرًا على بداية الفصول فحسب، فقد كانت بالنسبة لكثير من الحضارات القديمة دليلًا لمواعيد زراعة المحاصيل وحصادها.

وفقًا لأكاديمية كوتو اليابانية، يعد الاعتدالان الشمسيان يومي عطلة في اليابان، ومن المتعارف عليه ضمن التقاليد أن يوم الاعتدال الشمسي مناسبة لإحياء ذكرى الأحبة المتوفين وتبجيل الأسلاف.

هناك أيضًا العديد من المعالم الأثرية القديمة التي تشير إلى الاعتدال الشمسي. مثلًا، في مجمع معابد أنجكور وات الهندوسية في كمبوديا، تشرق الشمس في أثناء الاعتدال الشمسي فوق المعبد المركزي مباشرةً. ويعد هذا المجمع الذي بُني بين عامي 1113 – 1150 للميلاد، أكبر صرح ديني في العالم. وقد نشر العلماء في مجلة ساينس عام 1976 وصفًا للرابطة الفلكية بين هندسة هذا المعبد والأحداث السماوية.

من الأمثلة الإضافية، معبد شعب المايا في تشيتشين إيتزا في المكسيك الذي يعرف بمعبد كوكولكان (أو القلعة) الذي بُني بين القرنين الثامن والثاني عشر، وهو معبد مخصص لإله الثعبان.

إذ تُظهر خدعةٌ بصرية الضوءَ في أثناء الاعتدال الشمسي كما لو أنه ثعبان ينزل على جانب المعبد متجهًا إلى العالم السفلي، وذلك وفقًا لبحث نُشر في مجلة علم الآثار عام 2018.

 

المصدر: Space.com 

إعداد: م. هايل هاشم الفتيح – المركز العربي للاستعداد للكوارث

 

Leave a Comment

Your email address will not be published.