رغم تطور وتقدم العلم … هل يمكننا التنبؤ بحدوث الزلازل

رغم تطور وتقدم العلم … هل يمكننا التنبؤ بحدوث الزلازل

كيف يخمن جيمس بوند ما يخفيه خصمه في لعبة البوكر الدقيقة على نحو صائب؟ إنه يبحث قطعًا عن علامة دالة، فربما ينتفض جسد الخصم عندما تكون له اليد العليا في اللعبة، أو يتوتر عندما يخادع.

يمثل التعبير الجسدي الملحوظ دليلًا على ما يخفيه الخصم، فيتمكن لاعب البوكر من تقليل خسائره بتفسير العلامات الدالة على نحو صائب.

ينخرط البشر في ألعاب محفوفة بالمخاطر، تشبه كثيرًا مخاطر كوكبنا.

يدرس خبراء الأرصاد الجوية تغيرات الغلاف الجوي لتوقع حالة الطقس، فإذا هبت عاصفة مدارية دوامية تجاه مدينة ساحلية ما، يحذّر خبراء الأرصاد الجوية حتى يتمكن السكان من التأهب للإعصار المحتمل. نقرأ الخبر جميعًا ثم نفعل ما بوسعنا للحد من الخسائر.

أما الزلازل فأمرها مختلف تمامًا. قد يتمكن العلماء من وضع توقعات دقيقة منطقيًا على المدى الطويل بصدد موقع زلزال ما، ففي نهاية المطاف، يقع نحو 80% من الزلازل الكبرى في العالم على امتداد منطقة الحزام الناري في حوض المحيط الهادئ.

يُعد وضع إطار زمني دقيق للزلازل أعقد نوعًا، فغالبًا ما يتوقع العلماء الزلازل بناءً على التركيب الجيولوجي للمنطقة والنشاط الزلزالي السابق، فالمناطق النشطة زلزاليًا البسيطة جيولوجيًا أكثر ملائمةً لإنشاء توقعات موثوقة على المدى القصير.

فمثلًا، على طول أعراف شرق المحيط الهادئ – وهي سلسلة بركانية تحت الماء – تتقيد التوقعات بأطر زمنية تبلغ نحو عام ونصف على نحو متكرر، لكن في مناطق أخرى، تمتد توقعات الزلازل عادةً لعقود، وغالبًا ما تبعد عقودًا عن توقعاتنا.

تزودنا الأرض بوفرة من العلامات المحتملة، بدءًا من النشاط الزلزالي إلى التغيرات في سلوك الحيوان، لكن قدرتنا على تفسير هذه العلامات قاصرة في أفضل الأحوال.

مثلًا، في السبعينيات، اكتشف الباحثون تسربات أرضية غريبة لغاز الرادون قبل الزلازل الكبيرة، وظنوا أن ظاهرة تسرب الرادون بكميات كبيرة قد تكون منذرة بالزلازل، لكن المزيد من الأبحاث دحضت هذه الفرضية.

نقرأ الأنماط الزلزالية، وأفضل ما يمكننا فعله هو إثبات ما يشير إليه منظرو الفوضى بعدم الانتظام.

قراءة ما بين الصدوع للتوقع بالزلازل

يظن العديد من علماء الزلازل أن سر التوقع الدقيق للزلازل يكمن في مراقبة النشاط الزلزالي الذي أغفلوه سابقًا، واكتشاف متغيرات جديدة قبل الزلزال.

فمثلًا، يبتعد بعض العلماء عن دراسة تواريخ الأخطاء الفردية، ويبحثون في النشاط الزلزالي الإجمالي المستمر في منطقة معينة. تُسمى هذه الدراسات «الأعمدة الزلزالية طويلة المدى».

يبحث آخرون عن الزلازل البطيئة، التي تكون أضعف من أن تشكل موجات زلزالية، لكنها تؤثر في توزيع الجهد تحت تشققات الصدع.

في السنوات الأخيرة، صبت الدراسات اهتمامها على الاضطرابات الكهربائية في الغلاف الجوي قبل الزلازل، والتغيرات الناجمة عن الضغط في الصخور.

يسعى مشروع (Quake Sim) التابع لوكالة ناسا لمعالجة المشكلة باستخدام القياسات المعتمدة على الأقمار الصناعية والحسابات المتطورة.

جمع الباحثون مئات الآلاف من القياسات، التي تتضمن بيانات GPS وصور رادار جيوديسية عالية الدقة، إضافةً إلى البيانات الزلزالية التقليدية، ثم زودوا برامج المحاكاة بالبيانات التي تبحث عن أنماط في القراءات، لإنشاء خريطة عالمية لبؤر الزلازل النشطة. إضافةً إلى تعزيز فهمنا لكيفية تشكل الزلازل، أظهر المشروع أيضًا دقة متباينة في توقع مواقع الزلازل بين عامي 2000 و2009.

يؤكد علماء الزلازل أن التوقعات طويلة الأمد هي استثمار أمثل، عوضًا عن البحث عن السر الأهم للبحوث الزلزالية، يجب أن نكرس هذه الطاقة لتحسين البيانات المؤثرة في قوانين البناء وأسعار التأمين.

إذا تُمكّن قراءة لغة جسد الخصم وتجلياتها لاعب البوكر من خوض مجازفات كبرى على المدى القريب، لكن عندما تكون حياة البشر على المحك، لا أوراق اللعب، يكون من الصعب تبرير هذا النوع من الاستراتيجيات.

 

المصدر: How Stuff Works

إعداد: م. هايل هاشم الفتيح – المركز العربي للاستعداد للكوارث

Leave a Comment

Your email address will not be published.