تحليل المركز العربي للاستعداد للكوارث للحالة المطرية التي ضربت الخليج يوليو 2022

تحليل المركز العربي للاستعداد للكوارث للحالة المطرية التي ضربت الخليج يوليو 2022

تأثرت العديد من دول الخليج بأمطار صيفية تعتبر شديدة الندرة من حيث التوقيت ورقعة التأثير، بل وحتى كميات الأمطار الهاطلة، والأمر لا يقتصر على هذا العام فقط، قد تكررت ذات الحكاية في ذات الشهر من العام الماضي، فهل نحن على أعتاب حقبة مناخية جديدة؟

وفي دراسة خاصة، يناقش هذا الموضوع توزيع الكتل الهوائية والضغوط الجوية السطحية التي تؤثر في فصل الصيف وصولا الى تصور عام عن الماضي وما هي احتمالات تكراره في المستقبل القريب؟

ما سبب الحالة الماطرة التي ضربت العديد من دول الخليج في يوليو 2022؟

بالرجوع الى الخرائط الجوية، نجد أن اشتداد المرتفع الجوي شبه المداري على شمال الجزيرة العربية، إضافة الى إندفاع منخفض جوي في طبقات الجو العالية عبر الهند وبحر العرب نحو عمق الجزيرة العربية، أدى الى حدوث انكسار حاد في المونسون (وهي رياح استوائية رطبة جدا)، وتغيير طريقها المعتاد نحو الهند وباكستان، إلى الجزيرة العربية والخليج العربي بشكل نادر جدا.

وبتواجد منخفض جوي في طبقات الجو العالية، ومنخفض الهند الموسمي في الخليج العربي وأجزاء من الجزيرة العربية، أدى ذلك الى تطور حالة جوية ماطرة، تعتبر غير اعتيادية بكل المقاييس.

المنخفض الهندي الموسمي ورياح المونسون

تتشكل منطقة من الضغط الجوي المنخفض الحرارية في نظام شبه دائم، يبدا من أواخر مايو وحتى بدايات سبتمبر، ويغطي مساحات واسعة من الهند وباكستان وإيران ومنطقة الخليج العربي وصولا الى شرق تركيا، وهذا ما يعرف باسم منخفض الهند الموسمي،

ويوجد سببين لانخفاض الضغط الجوي في تلك المنظومة الجوية وهما:-

  1. ارتفاع درجات الحرارة السطحية صيفا، حيث من المعروف أن كثافة الهواء الحار أقل من الهواء البارد فيقل وزنه وينخفض معه الضغط السطحي، وهذا السبب يسيطر على أجواء الخليج العربي وإيران وصولا الى شرق تركيا.
  2. اندفاع تيارات هوائية مشبعة بالرطوبة، حيث من المعروف أن كثافة الهواء الرطب أقل من الهواء الجاف مما يؤدي الى انخفاض الضغط السطحي.

أما رياح المونسون، فهي تسود في ذات الفترة الزمنية أعلاه، وهي رياح تنطلق من خط الاستواء وتندفع شمالا نحو بحر العرب، وبسبب قوة كوريوليس، فإنها تنكسر شرقا، أي باتجاه الهند وباكستان، مسببة أمطار صيفية متفاوتة في الغزارة، وتبقى الجزيرة العربية مصدرا للكتل الحارة صيفا وبعيدة عن تلك الرياح الرطبة.

أما في الحالة الجوية الماطرة هذه (يوليو 2022) فان اندفاع المنخفض العلوي نحو عمق الجزيرة العربية، فقد أدى الى توليد قوة ديناميكية سطحية تغلبت على قوة كوريوليس، واندفعت معها رياح المونسون الرطبة نحو العديد من الدول العربية في الخليج العربي.

دراسة مناخية .. ما علاقة الانحباس الحراري بأمطار الصيف؟

من الضروري أن نعود الى الماضي، حتى نفهم الحاضر، حيث وجد في العصور الأولى لنشأة الإنسان أي قبل نحو 12 ألف عام (Holocene Epoch)، أن الأرض كانت تعاني من ارتفاع في درجات الحرارة العالمية، أدى ذلك الى تمدد الفاصل المداري صيفا نحو العراق وجنوب الأردن (ITCZ)، على نحو قريب من وقتنا الحاضر!

وفي العادة فان أمطار الصيف في وقتنا الحاضر تتركز بعد مشيئة الله في الأجزاء الجنوبية من الجزيرة العربية، إلا أن ارتفاع الحرارة المتكرر عبر السنين، يؤدي الى انتشار الأمطار الصيفية نحو العراق وشمال السعودية وبشكل كان معتادا قبل آلاف السنين! فهل نحن على اعتاد دورة مناخية جديدة شبيه بتلك التي مضت قبل 12 ألف عام؟

لكن لا يمكننا الجزم أو النفي ببداية حقبة مناخية جديدة، بناء على مراقبة بضعة سنوات، بل يتطلب ذلك مراقبة الظواهر الجوية التي تحدث في كل صيف خلال العديد من الأعوام المتتالية لنحكم بشكل أفضل.

انتهى..

Leave a Comment

Your email address will not be published.